هربا من عنف لا ينتهى منذ عامين فى سوريا، تركوا بلادهم، أعمالهم، منازلهم، أموالهم، ونزحوا إلى بلدان متعددة، عربية أو أوربية، تغيرت حياتهم بالكامل، فالطالب الذى كان يستيقظ فى الصباح فى سوريا ليذهب إلى مدرسته، بات يستيقظ اليوم فى القاهرة لينزل إلى أى عمل يكسب منه قوت يومه، والموظف الذى كان يعمل فى إحدى المصالح الحكومية فى دمشق، صار بائع حلوى متجول فى مصر، تغيرات جذرية عصفت بحياتهم حتى دفعت البعض منهم إلى التسول فى الشوارع ليحصل على قوت يومه، حيث يستخدم البعض منهم جواز السفر السورى كوسيلة للتسول .
فـمن هؤلاء "م" (37 سنة)، رفض التصريح باسمه، كان موظفًا فى إحدى المصالح الحكومية بمدينة حلب، وانتقل للعيش فى القاهرة منذ خمسة أشهر، يقول: "هربت من حلب منذ خمسة أشهر بعد أن قُتلت زوجتى وابني، وجئت للعيش فى القاهرة حتى أنقذ ابنتى المتبقية من مصير أمها وأخيها".
ويضيف: "لا يوجد عمل لدي، ولا أستطيع ترك ابنتى لفترات طويلة، ومنزلى تم تدميره فى سوريا، ولا أملك شيئا سوى جواز سفرى وغرفة وفرها لى أولاد الحلال لأسكن فيها مع ابنتي، التى لم تبلغ العاشرة من عمرها بعد".
ويواصل: "أحاول البحث عن عمل لكن كل الأشغال التى عملت فيها لا تستمر، ولا أحصل منها سوى على نقود قليلة لا تكفى احتياجتى وابنتى سوى أيام قليلة".
وبلهجة مليئة بالمرارة قال: "ترى هل يرضينى أن أتحول من موظف كان الجميع يحترمه فى بلاده إلى عابر سبيل يسأل المارة عن صدقة فى الشوارع؟ لكن الحرب تدمرنا وتدمر كل شيء".
من جانبه استنكر أحمد بلوش الناشط السياسى السوري، والمتحدث باسم تنسيقية الثورة السورية فى الإسكندرية سابقًا، ما يقوم به بعض السوريين من التسول باستخدام جوازات السفر السورية، موضحا أن بعض الحالات تكون بالفعل تحتاج لتلك الأموال، وهناك جمعيات مصرية وسورية وأفراد يبذلون قصارى جهدهم لتوفير حياة كريمة للسوريين فى مصر، ولكن هناك البعض الآخر الذى يفعل ذلك بغرض النصب أو ما شابه".
وأضاف بلوش: "جواز السفر السورى قيمة كبيرة، ولا يصح أن يستخدم فى التسول أو الشحاتة، مشيرا إلى أن من سيتم ضبطه يتسول من السوريين يتم مطالبته بالتوقف عن تلك الأفعال وتهديده بسحب جواز سفره، أو ترحيله من مصر إذا عاد للتسول ثانية".
ويواصل بلوش: "من غير اللائق أن نرهق المصريين الذى أحسنوا ضيافتنا واستقبالنا، كما أن من يعانى من ضيق العيش يمكنه أن يلجأ لإحدى الجمعيات أو الأماكن التى تقدم المساعدات للسوريين، لا أن يستخدم جواز سفره الذى يعد رمزًا لبلده فى التسول".
وأوضح بلوش أن الجمعيات توفر مشاريع صغيرة أيضا للعمالة السورية مثل أماكن لبيع المشروبات أو المأكولات" مما يساعد السوريين على كسب عيشهم بكرامة وشرف.
نٌشر على موقع جريدة الشروق بتاريخ 10 فبراير 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق