الصفحات

الأحد، 26 مايو 2013

«اللوليتا».. جيلاتى الغلابة يصنعه الأكثر فقرا


سلمى خطاب

50 قرشا أو أقل هو ثمن حلوى «اللوليتا» المثلجة، التى يقبل عليها الأطفال فى الصيف بشدة، خاصة فى المناطق الفقيرة والعشوائية، ولما لا؟! وهى مرطب طبيعى قليل الثمن فى متناول أيديهم التى لا تملك إلا القليل، مياه مثلجة مضاف إليها ألوان صناعية.

«جيلاتى» الغلابة، يصنعه من هم أكثر فقرا، ففى ظروف عمل موسمية مع أجور متدنية للغاية، وظروف حياة صعبة وبائسة، تصنع العاملات فى أحد مصانع «اللوليتا» بقرية «الصف» محافظة الجيزة، لتدخل البهجة وترطب حر الصيف على قلوب فقراء، ربما يعملون هم أيضا فى أعمال غير مستقرة وبأجور ضعيفة وظروف حياة أشد صعوبة.

أم محمود، التى تعمل بالمصنع منذ 8 سنوات بشكل غير دائم، ذلك المصنع الذى لا يعمل سوى 5 أشهر فى العام، وهى أشهر الصيف فقط، ومع قلة الأجر الذى تجنيه من عملها بالمصنع، 20 جنيها، تفتح بهم البيت وتصرف على أسرة مكونة من 3 أولاد فى مراحل تعليمية مختلفة؛ أكبرهم محمود فى الصف الثالث الثانوى، وزوج "بيشتغل يوم ويقضى 10 فى البيت"، مثلما تقول أم محمود.

«أدى الله وأدى حكمته»، كلمات عبرت بها عن رضها بحكمة الله رغم فقرها وبؤسها، وعلى الرغم من معاناتها فى تربية أولادها والإنفاق عليهم وعلى زوجها الذى "يعمل على باب الله" بتعبيرها، ترتسم ابتسامة رضا تنير وجهها الشاحب والمرهق من ساعات العمل الطويلة فى المصنع، ثم مواصلة أعمالها المنزلية فى البيت.

الفقر والعمل فى ظروف صعبة وغير مستقرة، بدون أى نوع من التأمينات الصحية أو الاجتماعية لا يفرق بين العاملات فى المصنع، وإن كان الفرق فى التعايش مع تلك الظروف أو درجة تلقيها، فعلى العكس من أم محمود الباسمة المتعايشة برضا مع واقعها، تستقبل أم وليد واقع العمل فى ذلك المصنع النائى بدموع مغلوبة على أمرها، فهى المرأة التى عاشت سنوات عمرها الـ61 فى بيتها لم تخرج إلا العمل، إلا بعد أن ازدادت الخلافات بينها وبين زوجها، وهجر أولادها لها؛ ما دفعها للنزول إلى ساحة العمل و"البهدلة" على حد وصفها.

«عشت عمرى كله فى بيتى، مخرجتش منه إلا لما إهانات جوزى زادت واتمدت إيديه عليا بعد ما ربيت له أولاده وكبرتهم" بدموع حبيسة وصوت مخنوق، قالتها أم وليد وهى تصطنع الانشغال بعملها الذى ينحصر فى تعبئة أكياس «اللوليتا» ورصها داخل الصناديق تمهيداً لبيعها، وهو العمل الذى تتقاضى عنه 20 جنيها يومياً مثل رفيقتها أم محمود، لكنها تتدخر من ذلك المبلغ ما يكفى لشراء علاج للضغط والسكر التى أصيبت بهم مؤخرا، ويتكلف 120 جنيها شهريا. 


نُشر على موقع جريدة الشروق بتاريخ 25 مايو 2013 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق