عطارة على ماضي- تصوير: أميرة مرتضي |
سلمى خطاب
سريعا ستنفذ إلى أنفك رائحة الأعشاب والتوابل المختلفة وأنت تتجول فى الأزقة الضيقة لحارة العطارين بالإسكندرية، التى تضم عددا كبيرا من الدكاكين القديمة المليئة بالأعشاب البرية والزيوت العطرية والتوابل والبهارات، ومن بين تلك الدكاكين القديمة دكان، على ماضى، الذى ستقع عينك عليه، ويعود تاريخه إلى عام 1906، حين قرر الحاج «على ماضي» أن يفتح دكانا للعطارة، ليصحب بعد 107 أعوام أقدم وأشهر دكان للعطارة فى الإسكندرية.
على كرسى جلدى قديم يجلس الحاج عبد السلام على ماضى، والذى ورث العطارة عن والده، ويعمل بها منذ عام 1942، منذ أن كان عمره 11 عاما، يساعده والده وأخيه الأكبر ويتعلم منهم، يمر عليه الناس الآن يلقون التحية ويسألونه عن أوجاعهم، فيطيبها بخلطات الأعشاب والزيوت، بخبرته التى اكتسبها على مدار 70 عاما يعمل فى العطارة، ويقول "قديماً كان العطار هو صيدلى المنطقة يصف الأدوية ويعالج المرضى، ولا يزال إلى الآن الناس يأتون طلباً للعلاج بالعطارة والأعشاب الطبيعية، فالطب مازال عاجزاً عن علاج الكثير من الأمراض، وتستطيع الأعشاب مداواتها".
عبد السلام ماضي- تصوير: أميرة مرتضي |
«ماضى» الذى يستغرب التغيير الذى طرأ على زبائنه على مر العصور والحقب التاريخية المختلفة التى عاشها، بدءاً من تغيرت ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، إلى تغير أسعار العطارة، ويحكى ماضى عن الزمن القديم، فيقول "زمان التوابل العادية اللى الوحد كان يحتاجها لبيته للطبخ كنت تشترى اللى تحتاجه لسنة كاملة بجنيه واحد بس، أما الآن فارتفعت الأسعار لدرجة أن الـ20 جنيها لا تكفى لشراء التوابل لشهر واحد"، ويرجع ذلك السبب إلى ارتفاع أسعار الأعشاب والتوابل المستوردة من منبعها.
وبالرغم من حزنه لأن أغلب التوابل صارت تستورد من الخارج الآن، إلا أنه يوضح أن مصر لازالت تصدر العديد من التوابل مثل الكمون والكسبرة وحبة البركة، كما أن بعض الأعشاب العلاجية تأتى مخصوصاً من الصحراء مثل الشيح والسلامكة التى تستخدم كمسكن وعلاج دورى للعديد من الأوجاع.
"طول ما فى أمراض وفى عدم استجابة من الدكاترة الأعشاب شغالة" بهذه الكلمات ختم ماضى حديثه لـ"الشروق" لحظة دخول إحدى السيدات المسنات عليه تطلب منه أن يحضر لها وصفة تتكون من بعض الأعشاب وحبة البركة لعلاج ابنتها التى تعانى من آلام فى الكبد.
نُشر على موقع جريدة الشروق بتاريخ 22 مايوم 2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق