الصفحات

الجمعة، 29 مارس 2013

في انتظارك



انتظرك
ولا استطيع الصبر
افكر بك
فلا استطيع النوم
اهاتفك ليلاً
فتعدني بالمجيء
يُهدأ صوتك من شوقي قليلاً
ثم اغلق الهاتف
لأعاود انتظارك

اقرأ جريدة أو كتاب
اسمع موسيقى أو سكون
اشاهد صوري معك
أمرر أمامي شريط ذكرياتك
واهاتفك ثانية
فلا ترد  
اتذكر أنك لم تفي يوماً بوعدك لي
وأعود لانتظارك
على أمل أن تصدق تلك المرة!

امشي فى الحديقة
ارى وجهك فى كل الأزهار
المحك آتٍ من بعيد بين ظلال الأشجار
تزداد لهفتي ويشتد نبض قلبي
اركض نحوك لأجدك سراب
فأعود لانتظارك

التقى برفاقى
أحدثهم عنك
احكى لهم عن شوقي إليك
اقلب صفحات عمرى بين يديك
وانتظرك .. وانت لا تأتي
أفنيت عمري في انتظارك
وانت دائماً لا تأتي

فى انتظارك استطيع أن افعل اي شيء
حتى لا أمل من انتظارك
إلا شيء واحد لا اقدر عليه
فى انتظارك لا استطيع انتظارك.....


مع الاعتذار لمحمود درويش :) 

الخميس، 28 مارس 2013

فى انتظار ضيف


عمر كل شيء فى هذا البيت من عمر صاحبه ، تجاوز الثمانين ، لم يكن عم مسعد يحب اقتناء الأشياء الجديدة، كان يحتفظ بأشياء منذ طفولته، ومنذ تاريخ زواجه، وتوقف عن شراء الأشياء الجديدة بعد وفاة زوجته منذ ما يزيد عن عشر سنوات، بل أصبح يكره أن يدخل إلي منزله شيء لم تراه زوجته ولم تساعده فى اختياره ، للدرجة التى جعلته يطرد حفيدته الوحيدة حين أتت إلي زيارته وبصبحبتها مشغل صوت جديد حتى يستطيع جدها سماع سيد درويش وعبد الوهاب عليه، بعد أن تهالك الجرامافون الذي يملكه، ولم يستطيع أحد من أصدقائه القدامى ن يصلحه له مما أصابه بحالة نفسية سيئة.

كان عم مسعد يعمل سائقاً فى هيئة السكة الحديد ، تقاعد فى الخمسينات من عمره، بعد أصيب فى حادث أثر على عينيه، لم فلم يعد يرى جيداً، لكنه لم يفقد بصره.


قضى فترة تقاعد مريحة للغاية مع زوجته ، قبل أن يمرض ابنه الوحيد ويقضى عليه مرضه ، لتستسلم زوجته بعدها بأيام للموت حزناً على ابنها.

ومنذ ذلك الحين عاش عم مسعد فى بيته القديم المحمل بالذكريات، وبائت كل محاولات حفيدته أن تصحبه ليعيش معها بالفشل، كان يرفض ذلك بشدة مبرراً رفضه بأنه ينتظر ضيفاً ما لن يأتى له إلا فى هذا المنزل.

جدران المنزل كانت تتزين بذكريات هذه الأسرة ، وكان يضفى عليها سحراً تلك الإضاءة الخافته الصادرة عن النجف القديم المتهالك الذي اشتراه مع زوجته فى بداية زواجهما، ورفض حتى محاولات زوجته فى آخر حياتها لتغيره والحصول على وسائل إضاءة أقوى لتساعده على الرؤية بشكل أوضح.

فقد كان عم مسعد يحب أشيائه بشده، ودائماً ما كان يقول أن روح الإنسان تتعلق بأغراضه التى عاشت معه عمره، وأنه إذا أصاب هذه الأشياء عطل أو خلل ما ، لا يجب على الإنسان أن يستبدلها أو يغيرها، لأن روحه أيضاً تصاب بهذا الاضطراب الذي يصيب أغرضه، فإذا كان الإنسان لا يمكنه تغيير روحه حين تضطرب، فلا حاجة لتغيير أشيائه.


عاش عم مسعد أيام حياته فى هذا المنزل بين ذكرياته، وعلى الرغم من كثرة أصدقائه إلا أنه لم يكن يحب الخروج معهم كثيراً، 

وأيضاً لم يكن يحبهم أن يأتوا إليه في منزله، فقد كان لا يريد تحميل المنزل المزيد من الذكريات.أحب وحدته، وأحب ذكرياته داخل هذا المنزل مع زوجته وابنه الراحلين، حتى حفيدته كان يتملل من زيارتها أحياناً، فقد كان يرى فيها المستقبل، المستقبل الذي لم يكن يراه بوضوح منذ أن أصيب بضعف في نظره، فهو لم يكن يحب ذلك المستقبل ولم يكن ينتمى إليه، كما أنه لم يكن يحبها أن تبقى معه كثيراً، وكان دائماً يقول لها أنه ينتظر ضيفاً ما لن يأتي إليه إلا وهو وحيد.

كانت لديه مذكرات قديمة يكتبه فيها أحداث يومه، وعلى الرغم من تجاوزه الثمانين، إلا أن ذاكرته كانت قويه، فهى الشيء الوحيد الذي لم يضعف فيه على ما يبدو. كان يخصص كل يوم من أيام وحدته لتذكر أحداث اليوم المشابه من عمره الماضي مع زوجته وابنه.


لم يتذكر اليوم الذي تعرف فيه على زوجته بالتحديد ، ربما لأنه لم يكن يعى هذا اليوم، فقد كان طفلاً صغيراً حين وجد فى قلبه حب لجارته ، ومنذ ذلك الوقت لم يعرف عمر من الذي بدأ، عمره أم عمرها، أم أنهم الاثنين بدأوا عمراً مشتركاً.

تذكر يوم أن التحق بعمله فى هيئة السكة الحديد، وطرقات مصر التى مر بها جميعاً وأصبح يعرفها مثلما يعرف نفسه، وكان يشهد الطرقات على لحظات سعادته وحزنه، تذكر أيضاً يوم زواجه، ويوم أن انجب ابنه الوحيد، يوم نجاح ابنه ويوم زواج ابنه، ولحظات ميلاد حفيدته، أيام مرض ابنه ونظرات الخوف في عين حفيدته التى لم ير لها مثيل طوال عمره، تذكر أيضاً لحظات وداعه لابنه التى مر بها، حالة الحزن التى عاشتها زوجته بعد وفاة ابنهما، واستسلامها السريع للمرض، واخر ما تذكرلحظات وفاة زوجته، وبعدها لم يتذكر شيء، وكأن الحياة توقفت والعمر المشترك الذي بدأه سوياً قد انتهى حين تخلى عنه أحدهما للموت، ولم يتذكر شيء بعد ذلك.

كان يقضى وقته فى تذكر حياته الماضية، وسماع سيد درويش وأم كلثوم وعبد الوهاب، لم يكن يسمع لأى أحد غيرهم، ولم يكن أيضاً يتحدث غير عن تلك الذكريات، حتى أن حفيدته أو أحد من أصدقائه كلما حدثوه عن شيء غير ذكرياته وزوجته وابنه،يحدثهم عن ذلك الضيف المجهول الذي ينتظره، ولا أحد يعرفه غيره.

استيقظ عم مسعد فى صباح يوم الأول من فصل الخريف، اليوم الذي توفيت فيه زوجته منذ عشر سنوات، نظر إلي دفتر مذكراته، وجد جمله واحدة مكتوبة منذ عشر سنوات "اليوم فارقنى عمرى"، رسم بيده العجوزة خط متعرج، وكتب تاريخ اليوم الجديد وتحته جمله "اليوم يأتينى ضيفى الذي انتظرته طويلاً"، وأغلق دفتر مذكراته.

نظر من شرفه منزله، كانت الشمس مازالت تشرق، سحب كرسيه الهزاز، إلي جوار الشرفه، ووضع أمامه صورة زواجه، وصورة أخرى له هو وزوجته وابنه.

لم يشعر بعدها بأي شيء سوى نور نقى يغمر وجه، وأيدي حفيدته تغلق له عينيه.

-------

ســـيـــن

الأحد، 17 مارس 2013

خطاب "فان جوخ" الأخير



يقول خطاب فان جوخ الأخير: «عزيزى ثيو: إلى أين تمضى الحياة بى؟ ما الذى يصنعه العقل بنا؟ إنه يفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة، إننى أتعفن مللاً لولا ريشتى وألوانى هذه، أعيد بها خلق الأشياء من جديد.. كل الأشياء تغدو باردة وباهتة بعدما يطؤها الزمن، ماذا أصنع؟، أريد أن أبتكر خطوطاً وألواناً جديدة، غير تلك التى يتعثر بصرنا بها كل يوم، كل الألوان القديمة لها بريق حزين فى قلبى، هل هى كذلك فى الطبيعة أم أن عيناى مريضتان؟، ها أنا أعيد رسمها كما أقدح النار الكامنة فيها.

فى قلب المأساة ثمة خطوط من البهجة أريد لألوانى أن تظهرها، فى حقول «الغربان» وسنابل القمح بأعناقها الملوية، وحتى (حذاء الفلاح) الذى يرشح بؤساً.. ثمة فرح ما أريد أن أقبض عليه بواسطة اللون والحركة، للأشياء القبيحة خصوصية فنية قد لا نجدها فى الأشياء الجميلة وعين الفنان لا تخطئ ذلك، اليوم رسمت صورتى الشخصية.. ففى كل صباح، عندما أنظر إلى المرآة أقول لنفسى: أيها الوجه المكرر، يا وجه فانسان القبيح، لماذا لا تتجدد؟ أبصق فى المرآة وأخرج، واليوم قمت بتشكيل وجهى من جديد، لا كما أرادته الطبيعة، بل كما أريده أن يكون، عينان ذئبيتان بلا قرار، وجه أخضر ولحية كألسنة النار، كانت الأذن فى اللوحة ناشزة لا حاجة بى إليها، أمسكت الريشة، أقصد موس الحلاقة وأزلتها، يظهر أن الأمر اختلط على، بين رأسى خارج اللوحة وداخلها..

حسناً ماذا سأفعل بتلك الكتلة اللحمية؟، أرسلتها إلى المرأة التى لم تعرف قيمتى وظننت أنى أحبها.. لا بأس فلتجتمع الزوائد مع بعضها.. إليك أذنى أيتها المرأة الثرثارة، تحدثى إليها.. الآن أستطيع أن أسمع وأرى بأصابعى. بل إن أصبعى السادس «الريشة» لتستطيع أكثر من ذلك: إنها ترقص وتداعب بشرة اللوحة. أجلس متأملاً: لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده وبدأ وجه اللوحة يسترخى أكثر.. آه يا إلهى، ماذا باستطاعتى أن أفعل قبل أن يهبط الليل فوق برج الروح؟، أريد أن أعيد الأشياء إلى عفويتها كما لو أن العالم قد خرج تواً من بيضته الكونية الأولى.

أمس، رسمت زهوراً بلون الطين بعدما زرعت نفسى فى التراب، وكانت السنابل خضراء وصفراء تنمو على مساحة رأسى، وغربان الذاكرة تطير بلا هواء، سنابل قمح وغربان، غربان وقمح، الغربان تنقر فى دماغى، كل شىء حلم، هباء أحلام، وريشة التراب تخدعنا فى كل حين، قريباً سأعيد أمانة التراب، وأطلق العصفور من صدرى نحو بلاد الشمس، سأفتح لك القفص بهذا المسدس، القرمزى يسيل، دم أم النار؟، غليونى يشتعل، الأسود والأبيض يلونان الحياة بالرمادى، التبغ يحترق والحياة تتسرب، للرماد طعم مر، بالعادة نألفه، ثم ندمنه، كالحياة تماماً.. كلما تقدم العمر بنا غدونا أكثر تعلقاً بها، لأجل ذلك أغادرها فى أوج اشتعالى، ولكن لماذا؟.. إنه الإخفاق مرة أخرى. لن ينتهى البؤس أبداً، وداعاً يا ثيو، سأغادر نحو الربيع».

نقلاً عن مقال للدكتور خالد منتصر

مجرد خاطرة


هل الوحدة باتت شعور يلازمني لا علاقة له بالمكان... أم أن كل الأماكن باتت ترفضني...؟ 



ربما إلي الآن لا أدري سبب واضح لتلك ألانقباضه في قلبي... رغم أن كل شيء يبدو على ما يرام!

اعترف أني لم أصدم حين علمت بأن ساكن جديد اتخذ من قلبك بيته ووطنه، وصار لزاماً على أن أجمع أشيائي وأرحل، وأن اتوه وابحث لقلبي عن وطن جديد، لم تكن صدمة، أو هكذا قلت لحالي!

لكن الأمر جعل الزمن يتجمد من حولي، وشعاع أمل داخل قلبي بدأ يفقد بصلته، وضوء داخل عيني راح يخفت تدريجياً إلي أن انطفيء تماماً، وبت لا آري شيء حولي سوي الظلام!

لا أعرف ما الذي جعل الأمور تسوء بهذه السرعة، ولا أدري سبب تلك الدمعة التي شعرت بها على وجنتي... كل ما أدركته لحظتها أنني لست بخير، ولأول مرة تراودني تلك الرغبة بشدة أن أمزق ذلك القلب بسكين حاد، والغريب أن عقلي يوافقني تماماً تلك المرة، ويراها رغبة منطقية للغاية...!

لكن ذلك العقل الذي أوشك على أن يتركني ويرحل، قال اتركيه... لا تنهي الأمر بهذا السهولة... إن لم يمزقه السكين ستمزقه الغربة... وهي أحد من حد السكن، وأشد قسوة مني... دعيه يدفع ثمن اختياره الخاطئ.. هو من أوصل حاله إلي ذلك المصير!

الجمعة، 15 مارس 2013

حريتك... متى تنتزعها؟

سطورً لا مبالية... أبعثرها على دفتر
بلا أمل بأن تبقي... بلا أمل بأن تنشر

"نزار قباني"



الصيف قادم... وهو ليس فصلي المفضل... اختنق من شمسه وزحامه.. يثير سخطي ألوانه الغاضبة وفوضاه الدائمة...

طباع سواحلية مثل البحر متقلبة.. ومزاج لا يرسو على بر بأي حال... دائم الإبحار وكأنه أقسم على أن يموت غرقاً في محاولاته ولذاته التي ستودي به يوماً ما.

ربما ليس حر بما يكفي.. ربما أدرك الآن معني أن الحرية تنتزع لا تُطلب... فبعد طلبها أُعطيت له ولكن بقى الأمر في يد من أعطاها... من أعطاك حريتك يوماً قادر على أن يسلبها منك... كُتب عليك أن تعيش العمر أسير... أسير ذلك الشعور بالحب الذي لم تلمسه يوماً... ولا تشعر بألمه إلا عندما تقترب لحظة الفقدان...

لكنها حياتك... حياتك أنت... ومن يأسرك له حياته... لماذا يطمع إذن في الوقت الذي منحك الله إياه... ألا يكيفه العبث الذي عبثه بعمره... ألا يكيفيه ما في حياته من خيبات... لماذا يسكب عليك مشاعر خوفه ومرارة فشله... لماذا يسجنك في سجن أحلامه التي لم يقدر على تحقيقها ويراها فيك.. لماذا لا يطلق يداك لأحلامك وللحرية... لماذا يفتعل معك المشاكل ويخيفك منه وعليه... لماذا لا يبقي إلي جوارك ويدعمك ... لماذا لا يتدخل في حياتك عندما تحتاجه... ويقتحمها فقط ليصيبك بالإحباط... ولماذا يطالبك بالتخلى عن أمنياتك لأجله في الوقت الذي تسعي أنت لتسعده بالأمنيات التي يم يعد قادراً على تحقيقها؟؟!!

الخميس، 14 مارس 2013

مثلك مثل القهوة


كل ما اكتبه باطل... أنت حقيقتي الوحيدة



ذلك الصباح لم تكن لدي رغبة في سماع صوت أي  أحد سواك... تمنيت لو باستطاعتي أن أهاتفك وادعي أنني أخطأت في الرقم...!!

ولأن الجدار الذي بنيته أنت بيننا عالياً لدرجة لا أستطيع تخطيه دون أن تقتلني كرامتي تحايلت على ذلك وتحدثت عنك.

حكيت عنك لبائع القهوة... قلت له أن تلك القهوة السمراء التي يبيعها تشبهك كثيراً، مرة وقاسية مثلك لكنى أحبها... أحب أن ارتشف القهوة كما أحب أن ارتشف النظرات من عينيك... أعشق طعمها حين يتذوقها لساني مثلما أعشق الكلام الذي يقوله ذلك اللسان لك... أحب القهوة لأنها توقظني... تنبهني... تمنحني السعادة وتقهر شعوري بالضعف والخوف مثلما تفعل أنت... لكن كل القهوة في العالم لا تقدر على أن تجعلني ابتسم طالما أنا لا أراك...  

لازالت أقبل يدي تلك التي كنت ممسكاً بها في الحلم... في الأحلام فقط أيدينا صارت تتشابك.... ولا واقع صار يتسع لأحلامي بك... ولا طريق صار يجمع خطانا المتباعدة تارة... والمتضادة تارة.

لم يرد البائع على حديثي، ربما جاوبني ولم انتبه، فدون صوتك تختلط على الأصوات، لا أقدر على تميز صوت البشر من حفيف أوراق الشجر من صرير الرياح.

أخذت قهوتي ورحلت... بدأت رحلتي اليومية في البحث عن ملامحك بين كل ملامح الوجوه التي اراها واصطدم بها... في الشارع... في العمل... فى السماء... في الشجر... في حرية الطيور... وبراءة الأطفال... أري منك ملمح في كل شيء تراه عيني... أو تلمسه يدي... أو يدركه إحساسي... أو يصل صوته إلي أذني... كل الطرق توصلني إليك... حتى تلك التي سلكتها للنسيان...!! 

اكتب لي



اكتب لي..

احتاج إلي النور الذي يشع من حروف كلماتك..

ذلك النور يضوي لي طريقي المظلم.

اكتب لي

اعلم أنك قادر على الكتابة

احتاج إلي رسائلك تقويني..

تذيب ثلوج القلق من حولي.

اكتب لي..

افتقد كلماتك إلي جانبي..

لا تترك حروف الخوف تحتلني

وتسيطر على كلماتي والعالم من حولي..

اكتب لي..

كلماتك تشعرني بالأمان.

الأربعاء، 13 مارس 2013

صناديق مغلقة

عن الأموات على قيد الحياة




غريب أنك حين تحاول الكتابة عن أشخاص حولك تكتشف أنهم مثل الصناديق المغلقة بالنسبة لك، عشت معهم عمراً كاملاً ولا تعرف عنهم أكثر مما يعرفه الغرباء..!

دائماً صامتون.. لا يتحدثون إلا للضرورة.. وغالباً ما يكون كلامهم مقتضب وسريع عن الحاضر فقط.. لا يثرثرون حول الماضي.. أو يتطلعون إلي المستقبل بحديثهم..

أي مساحة من الثقة فقدت بينكم وحولت تلك الروابط العميقة إلي علاقات بهذه السطحية..!

لا رابط حقيقي بينكم.. تنعدم أسباب الكلام.. وتخرس القلوب قبل الألسنة!

حينها تبدأ في التساؤل عن هذه الأجساد التي تعيش حولك.. أين ذهبت أرواحهم..؟! وأين لمستهم على حياتك؟! .. وما التغيير الذي أضافوه على الأشياء من حولك؟!

وكيف تكمل عمرك إلي جوارهم..؟! ماذا ستفعل حيال ذلك الشعور بالغربة الذي راح يحتلك تدريجياً إلي أن سيطر عليك تماماً..؟ّ!

أين مفاتيح تلك الصناديق..؟؟ وكيف تتواصل معهم..؟ّ!

ولماذا فارقت أرواحهم أجسادهم بهذه السرعة..؟ حتى صاروا أموات على قيد الحياة؟ هل أنت مطالب بأن تكمل حياتك معهم..؟!

أي حياة تلك التي تبحث عنها بين أشخاص اختاروا الموت طواعية وهم على قيد الحياة؟!

وما هذا السكون الذي يسيطر عليهم.. ألم يخبرهم أحد من قبل أن السكون بعض من الموت... وأن التفرغ لانتظار الموت..موت!

في هذه الدنيا لكي تثبت أنك حي عليك أن تحدث بعض الضجيج.. إما حياة صاخبة.. أو موت في سكون.. نادراً ما يكون هناك اختيار ثالث بينهما!