الصفحات

الثلاثاء، 10 أبريل 2012

مهنة البحث عن الأفكار



تملكتني حالة غير معهودة من الشفقة وأنا أتابع تلك العاملة في المكتبة وهي تصور الكتاب الذي يزداد عدد صفحاته عن 400 ورقة بعد أن طلبت أنا منها ذلك... أوووف الحمد لله على نعمة الصحافة، لو مكانها وطًلب مني كل ربع ساعة تقريباً ان أقوم بتصوير كتاب أو عد أوراق أو كتابة ملخصات ونسخها ....بدون أدني مبالغة كنت انتحرت من الملل.

سخيفة هي تلك الحياة الروتينية التي يعيشها الكثير، والتي تتطلب منهم أن يقوموا بنفس الشيء كل يوم بنفس الطريقة مع نفس الأشخاص في الأوقات ذاتها...لا أحتملها، حتى وإن تغيرت ملامح الأشخاص فكرة أن أًحبس في مكان واحد لعدد معين من الساعات كل يوم لأقوم بالعمل ذاته فكرة كفيلة بأن تقضي على.. واعترف أن سر من أسرار اختياري لمهنة الصحافة هو الهروب من أن أكون موظفة في أي مكانٍ ما.

ولكن هيهات اكتشفت بعد مدة قصيرة من العمل في تلك المهنة أن بها موظفين وأشخاص يعشقون الروتين أكثر من أنفسهم أحياناً.. ولكن يبقي لي الاختيار فأنا لست مجبرة بأن أكون من هؤلاء.

على الرغم من صعوبتها وعلى الرغم من أن تلك الفكرة أحياناً ما تصيبني بالملل إلا أن أكثر ما أعشقه فيها هو أن من يريد النجاح في تلك المهنة عليه أن يظل دائماً يبحث عن الأفكار.

وبعد أن يعصر مخه جيداً عليه أن يبدأ بالمفاضلة.. تلك الفكرة قديمة وتلك ليس لها مصادر معلومات.. والوقت ليس مناسب لهذه إلي أن يجد طريقة لتنفيذه فكرة ما، أو تنتج له تلك المفارقة فكرة جديدة يقوم بتنفيذها.

ولكن البحث عن أفكار في الصحافة مشكلة في حد ذاته، إذ يجب عليك أن تكون دائماً مشحون الطاقة، يقظ العقل، سريع الانتباه، تدرك الأشياء جيداً من داخلها ولا تكتفي بالنظرة السطحية إليها، إضافة إلي الإلمام بما يحدث في مجتمعك ومحيطك المحلى والعام وغيره من الكثير، أحياناً أشعر أن الصحفي يجب أن يكون سوبر مفكر وسوبر إنسان لأن ذلك يتطلب من العمل 24ساعة في اليوم، 7 أيام في الأسبوع/ 30 يوم في الشهر.

كما أحب في تلك المهنة أنها تضمن لي أن أعرف شيء واحد عن كل شيء على الأقل، وتلك قاعدة قديمة كنا نستخدمها في فرق الجوالة تقول "اعرف شيء عن كل شيء، واعرف كل شيء عن شيء"، وهذا ما أحاول أن أقوم به الآن.. أحاول معرفة كل شيء عن الصحافة ومعرفة شيء واحد عن كل شيء داخل مجالات هذا العالم المليء بالتغيرات والخبايا والأسرار.

وختاماً فالوحيدين الغير قادرين على استحداث الأفكار في رأيي هم الموتى ولديهم عذرهم بأن يكونوا كذلك لأن أدمغتهم توقفت عن العمل، ولكن الأحياء أحياً يكونوا بحاجة لمن يساعدهم على تنظيم أفكارهم وإخراج المناسب منها والعمل عليه، وهو ما أفتقده بشدة في هذا المجتمع الذي لا يساعد على الإبداع ولا التفكير، بل أحياناً يعامل المبدعين والمفكرين على أنهم إما كفار أو مجانين أو أشخاص منبوذين وهذا أضعف الإيمان.



هناك تعليق واحد:

  1. الله ينور عليكى يا لوما بجد ما شاء الله
    رأيك وعقلك الفلسفى الذى يفسر كل ما يدور حوله يستحق الاحترام والتقدير ولا يمرر الاشياء بدون تفسير
    ما شاء الله ربنا يحميكى
    فعلاااا كلامك منطقى وواقعى واجمل ما فيه انه بسيط ويفهم بسهولة
    ربنا ييسرلك امرك ويحققلك حلمك وبالتوفيق فى حياتك العلمية والعملية ولشخصية :)

    ردحذف