الصفحات

الخميس، 8 يناير 2015

كل يوم كتابة (١): لو كتبنا يا حبيبي نبتدي منين الكتابة؟

في الأصل الكتابة موهبة اختص الله بها بعض البشر، ابتلاهم بها بالأدق، ليعيشوا بعد ذلك وكل شيء يمر أمام أعينهم مثل الجمل التي يكتبونها، ويتحول كل البشر في حياتهم إلي مشاريع كتابة محتملة.
حالتهم النفسية تخضع لمزاجهم المتقلب دائما، لا روتين ثابت عندهم لشيء، كل الأمور لديهم خاضعة لأفكارهم المتلاحقة غير المنتظمة، قد يستيقظون في نصف الليل لأن فكرة جاءتهم الآن ويريدون كتابتها، ينفصلون في شاشات هواتفهم النقالة عن جلسة أصدقاء حميمية لأن خاطرة ما خطرت على بالهم الآن ويريدون تدوينها، ستضيع منهم لو انتظروا قليلا حتي تنتهي الجلسة، وبالطبع لن يتذكروها لو استمروا في النوم واجلوا كتابتها للصباح.
البعض ممن احترفوا الكتابة استطاعوا أن يضعوا لأنفسهم طقوس يومية، ساعات محددة في اليوم للكتابة فقط، استطاعوا منى خلال ذلك النظام أن ينجزوا مشاريعهم الكتابية، وأن ينتهوا من مقالاتهم في مواعيد تسليمها، وضعوا تلك الساعات كقاعدة، لكن العشوائيين من أمثالي يؤمنون أن القاعدة الرئيسية للكتابة أنه لا قاعدة للكتابة.
فالكتابة المنتظمة مزعجة للغاية، ومهما كان وقت التسليم كافيا فعادة لا اكتب إلا قبل انتهاءه بوقت قليل يجعلني بالكاد انتهي وأنا أشعر أن كل شيء ينهار فوق رأسي، أحيانا لا أجد وقتا كافيا لمراجعة ما كتبته، ولا وقت كافي لإجراء تعديلات آراها ضرورية.
ينتهي الزمان في الوقت الذي أضع فيه "نقطة" عقب آخر كلمة في موضوع، اسلم الموضوع وابدأ في لوم نفسي!
لماذا انتظرت كل هذا الوقت، فيما أضعته؟،  هل نسيت الكتابة عن أحد عناصر الموضوع، هل أنا راضية عنه، هل ستجري الصحيفة عليه تعديلات، ماذا لو لم تعجبني، هل اتشاجر معهم أم امرر الموضوع لأنني السبب في التأخير، حرب من الأسئلة تندلع بداخلي لا تنتهي إلا حين ينشر الموضوع، وبالرغم من ذلك نادرا ما تجري تعديلات جوهرية على مواضيعي؟!
هل تغيير تلك الحرب الصغيرة من عاداتي في المرة التالية التي اكتب فيها؟؟ إطلاقا!!
الكسل سيدي

تخضع كتابتي لحالتي المزاجية المتقلبة باستمرار، ورغم أني اعمل على مواضيع في السابق كنت شغوفة بها، إلا أن أحداث عديدة مررت بها نزعت من داخلي شعور الشغف تجاه أي شيء.
الكتابة هي الطريق الذي اخترته واختارني، أحبها وأشعر أنها تحبني، لكن أحيانا اقف عاجزة لا اعرف من أين ابدأ؟
الأحداث التي عشتها كثيرة، عامة وخاصة، تجارب منها ما انتهي ومنها ما أعيش فيه إلي الآن، تتدافع الأفكار داخل رأسي ثم أشعر بها تنحشر عند أصابعي التي تكتب، فارتبك، ابكي واكتب أني عاجزة عن الكتابة ج، وينتهي اليوم.
أعيد المحاولة في اليوم التالي، أصل إلي نفس الحالة في وقت أقصر، أصرف نظر عن فكرة الكتابة ككل وانصرف إلي عملي، متناسية أني أعمل صحفية، في وسيلة إعلام مكتوبة، وعملي الكتابة أيضا.

لماذا العلاقة بيننا مرتبكة وصعب إلي هذه الدرجة، هل للموهبة دخل بذلك؟
لماذا لست من هذا النوع الذي تأتي في باله فكرة فيكتبها الآن، تطاوعه اللغة، وتمكنه الأوراق، وتخرج أفكاره بسلاسة وثقة واضحة جلية عبر كلمات توضح تحديدا ما يدور داخل رأسه؟
هل عاني كل الكتاب من فترة كتلك في حياتهم أم أن المشكلة لدي أنا فقظ؟
أحاول أن أضع نفسي في تحد جديد، كل يوم كتابة عن أي شيء،تحت أي ظرف وبأي مزاج!
محاولات صادقة للكتابة عن الذات والخبرات، الغربة والثورة، الأماكن والبشر في حياتنا، الأشياء والعالم من حولنا، محاولات صادقة لحفظ ذاكرة هشة يأكلها النسيان.. ربما تجدي، وربما تنضم إلي سابقتها من محاولات الكتابة الفاشلة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق