الصفحات

الثلاثاء، 31 يوليو 2012

قبُلة العجوز





كان عمري حينها لا يتجاوز العشر سنوات.. ولازالت أتذكر كل ركن في منزلها متعدد الأبواب.. ذو السقف شديد الارتفاع .. الصور القديمة المتراصة على الجدران.. والأثاث الضخم العتيق...

ولازالت أتذكر تلك العجوز وهي نائمة على سريرها وحولها كومة من الأدوية..وكأن المنزل لوحة فنية رائعة الجمال وهي بطلتها.. كل ما فيها متناسق عدا تلك الأدوية التي بدت وكأنها الشيء الوحيد الغريب عن المنزل.

وكأني أسمع تلك العجوز الآن وهي تناديني بصوتها المميز.. يدها التي كانت تقبض على يدي دائماً بقوة تجعلها ترتعش أحياناً... وكأنها كانت تقوي على المرض الذي أصابها بمحاولة امتصاص قوة وطبيعة من فطرتي الصغيرة التي لم تمرض بعد.

عيناها وهي تنظر لي كانت دائماً ما تؤكد لي هذا المعني.. وحين كانت تجذبني لتقبل رأسي بقوة .. وكأنها تستمد شيئاً ما مني وليس مجرد قبلة تطبعها على جبيني... كانت تلك القبلة تزعجني حينها ولكن بعد رحيلها عرفت كم كانت تلك القبلة الحانية العنيفة تجعلني بخير..
كانت عيناي تقع عليها ثم تتطلع إلي ذلك السقف المرتفع وكأن السقف أقصي طموح يساعدني على شفائها وعلى تحقيق أمنياتي الأخريات. 

ويوماً ما دخلت إلي منزلها شعرت وكأن كل شيئاً في المنزل قد فارقته الروح التي تحييه ... لم تسمح لي أمي حينها برؤيتها في غرفتها.. وأخبرتني أنهم نقلوها إلي غرفة جديدة تحت الأرض وأنني لن أستطيع رؤيتها بعد اليوم.. ومنذ ذلك الحين لم تعد عيناي تطلع إلي سقف منزلها المرتفع راحت عيناي تتطلع إلي السماء.. وبدلاً من أن تقبل هي جبيني صارت شفتاي تقبل الأرض التي ابتلعتها.

السبت، 28 يوليو 2012

لحظات شرود



لم انتبه لكلماتها وهى تحدثني عن تلك العرافة التي قرأت لها طالعها، شردت بنظري نحو الباب، راحت عيناى تبحث عن شخص ما، لا اعرف من هو.. شعرت كم أنا بحاجة لك، تمنيت لو أن تأتي، تمنيت أن أقابلك صدفة بينما فشلت بيننا كل المواعيد، وتمنيت تلك الصدفة بشدة حتى لو كانت آخر ما يحدث في حياتي.
آتاني صوتها باهتاً من بعيد ليردني إلي واقع أنك لم تعد إلي جانبي، سألتني بتردد لو أود الذهاب إلي تلك العرافة لتقرأ لي طالعي؟
صدمني السؤال في البداية، ولم أعرف بما أجيبها، شردت لبرهة آخري وتخيلت المشهد، أنا أمام تلك العرافة وهى تقول لي أنك لن تعود أبداً، أحزنتني الفكرة ثم تراجعت وسألت نفسي وماذا لو قالت لي أنك ستأتي؟
لم أحتمل الظنون، أجبت صديقتي بثقة لا، لا أريد الذهاب وقبل أن تسأل عن السبب قلت لها أنى أخاف من تلك التجربة واستحرمها.
سكتت قليلاً فعدت إلي شرودي نحو الباب مرة آخري، لم تكن التجربة تخيفني بذلك القدر من الرهبة والتردد الذي ظهر في صوتي وأنا أحدثها، ولكنى أحببتك أن تبقى سراً غامضاً، إن آتيت فتجربة اشتياقي لك وتلهفي لمعرفة أخبارك ستضاعف حبي لك مرات، وإن لم تأتي سواء نسيتك أو لم يقدر الله لي نسياك أردتك أن تبقى سر بداخلي شديد الخصوصية، لا يطلع عليك أحد حتى ولو عن طريق الدجل أو الشعوذة.
لم أكن أريد لتلك المشاعر أن تنتهي أو تبنى آمالها فى البقاء أو الفناء على كلام العرافات أو الدجالين، أردت أن اتركها للأقدار... أتعذب إذا شاء لي القدر بالعذاب، وأسعد إذا شاء لي القدر السعادة، وفى كل الأحوال لم آراها الطريقة المثلى لحبك، وأنا أردت أن أحبك كما ينبغي. 

ســــيــــن

14\2\2012

تحمل نفسك


تحمل نفسك ولا تلقى باللوم عليها.. إذا حلمت بحلم وانهار عليك، ربما أنت لم تعلمها كيف تجيد فن الأحلام، أو أنك من سمحت لها بتمنى ما ليس لها، وفى الحالتين هو خطأك وحدك.

ربما يصعب علينا أحياناً تصديق أوجاعنا .. وربما لانحتمل الصدمة ولا نملك الثقة الكافية فى أنفسنا لتخيل أن تلك التجارب الصعبة القادمة سنخوضها نحن دون أى مساعدة، ولكن مع الوقت نجد أنفسنا نستسلم للقدر، ولما تفعله بنا الأيام، ويبقى الإيمان وحسن الظن بالله هما الدافع الأقوى للبقاء.

وحدة



الإحساس بالوحدة كتير أوى بيكون نتيجة لجهلك إجابة سؤال أنت عايز إيه بالضبط أو رجليك وخداك لأنهو طريق؟؟
يمكن لما تعرف الإجابة وتلاقى الطريق اللي يوصلك... إحساس الوحدة بينتوه وسط طموحك والحاجات اللي المفروض تعملها.. يتلاقي ناس ثانية وحيدة زيك جمعكوا طريق واحد.. تتجمعوا وتسلوا بعض شوية .... لكن مين منهم اللى ممكن يخترق روحك ويقضي على الإحساس التايه اللي جواك؟؟

كلام جرايد



الناس عاملة زى الأخبار اللي بتتنشر في الجرايد.. في ناس عناوينها مثيرة وتشد لكن لما تقراها تكتشف أد أيه هي تافهة وأنك ضعيت وقتك في قرايتها.. وناس تانية ممكن عناوينها متكونش قوية اوي.. بس لما تقرا أول كام سطر منهم ممكن يغيروا لك حياتك وتقكيرك.. من الآخر في ناس تقلبها وناس تقلبك لك كيانك.
متنخدعوش بالمظاهر والعناوين المثيرة.. متن الخبر أهم بكتييير من عنوانه

الخميس، 26 يوليو 2012

غربة



لا أذكر في أي فصل كنا.. الربيع أم الخريف.. كان فصلاً من الفصول التي يتغير فيها الجو يومياً.. وكان أيضاً كل شيء بيننا متقلباً مثل الجو.. لم يكن هناك شيئاً مستقراً.
في الصباح الباكر مكثت على الأرض في أحد أركان المنزل.. ووضعت أمامي قلم وبعض الأوراق وفنجان قهوة وسلسلتي الفضية.. كنت أسمع للمرة الأولي فيروز وهي تشدو "في أمل"..
بدا لي المنزل واسعاً وغريباً.. وامتد إحساس الغربة بداخلي إلي أن شمل كل أشيائي المعتادة.. سيطر على إحساس مخيف بأن كل تلك الأشياء ليست لي... انتفضت رعباً حين فاجأني رنين الهاتف.. ولم يطمئني صوتك بمجرد سماعه كالمعتاد.. تملكني ذلك الإحساس المخيف أكثر وزادني صوتم غربة.
سألتني ألن تأتي.. تعللت بإرهاق مفاجئ أصابني لن يجعلني قادرة على الخروج من المنزل اليوم.. لا اعرف ما الذي دفعني إلي الكذب   لأبقي في ذك المنزل الغريب عني .. ولا آتي لأراك وأنت وطني القادر على امتصاص ذلك الإحساس بالغربة من داخلي.
ظننت يومها أني أكذب.. ولكن بعد وقت اكتشفت إني كنت فعلاً مريضة ومرهقة للغاية.. كنت مريضة بك.. ومرهقة بمشاعري التي لا تتوقف عن الاتجاه إليك.. ومنذ أن توقفت وبدأت تخرج مني.. بدأت أعود إلي وطني و إحساس الغربة بداخلي راح  يتلاشي.