الصفحات

الجمعة، 26 سبتمبر 2014

عيون على الطرقات

أحب الكتابة ولا أجيدها
وأشعر أنها تحبني لكن لا تفهمني
تراوغني مثل أشياء كثيرة أحبها ولا أجد سبيلاً للتفاهم بيننا
تهرب مني حين أريدها
وأصرخ فيها حين تلح على
فيمضي الليل وكلانا حزين ووحيد
كغيمة في السماء نتمني أن تمطر لتتلاشي!


تطاردني في الطرقات عيون أشخاص ماتوا
قتلوا بالأدق
لا أعرف أي منهم
ربما التقت أعيينا في إحدي المرات التي سادها الجنون
وقام الناس لقتل بعضهم البعض دون أسباب واضحة
ربما تلك الأعين لإحدي ساكني التوابيت الكثيرة التي مرت أمامي في المشرحة
هل حقاً يبقي أثرهم داخل تلك الصناديق
التوابيت مثل الفنادق يقضي فيها الإنسان ليلته الأخيرة
قبل أن ينتقل إلي سكن دائم يخصه وحده
لا جيران مزعجون
لا إيجار كل شهر
لا فواتير لأي شئ
فقط يبقي مع الوردات التي تزين باب منزله –قبره-
والدعوات التي تأتي له بعيدة من العالم الآخر
أروع ما في الموت أنه فعل لا نقوم به مرتين
ولا تحتاج لتبريرات كثيرة لأن تفعله
ولا تلاحقك خلاله مكالمات أشخاص كثر يقولون أنهم خائفون عليك
لكنك تعرف أن الخوف ما هو إلا محاولات لفرض السيطرة
أروع ما في الموت أنه يكسر ملل الحياة وينهيها..


لازالت أعينهم تظهر لي على جوانب الطرقات كلما التفت يميناً أو يساراً..
تنير لي الطريق أحياناً وتخيفني أحيان أكثر
ربما لو سمح لنا القدر لالتقينا يوماً وتبادلنا الحديث والقهوة
ربما مارست معهم طقوسي المؤلمة في مشاهدتهم من بعيد
ترقبهم من بعيد..
أو حبهم من بعيد!
ربما كنا أصدقاء
أو تطورت صداقتنا لما هو أعمق من الصداقة
أو تلاشي وجودهم وانتهي مع الأيام
كجسدٍ أصابه مرض الجزام
وظل يأكل فيه إلي أن انتهي وواجه مصيره الحتمي «الحرق»!


ربما من بين تلك العيون عيني فتاي الذي طالما انتظرته
ربما إحداهم فتي صديقتي الذي رحل فجأة وترك لها جسد خاوي بعد أخذ روحها معه
الرجال دائماً يرحلون دون سابق إنذار
إما لأنهم قرروا أن يموتوا
أو لأنهم قرروا أن يقتلوا أرواحنا بداخلنا


ألم أقل أن الكتابة تراوغني
بدأت بالكتابة عنها
ثم سحبتني إلي سيرة الموتي
والعيون التي تطاردني على الطريق
والعلاقات التي يأكلها الجزام
والآن تجبرني على الخوض في سيرة من رحلوا!
وفروا هاربين بعد أن خنقوا الروح فينا!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق